في العام 1978م – 1398هـ  أفتت هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني, والتي تضم عددا من علماء الشريعة والقانون, بعدم جواز تامين ممتلكات البنك لدي شركات التامين التجارية وألزمت البنك بالتعامل مع شركات تامين تعاونية إسلامية ، واعتمدت الهيئة في فتواها علي وجود الغرر في عقود المعاوضة المالية والتي يمثل التامين أحدها لاشتماله علي الغرر وهو منهي عنه شرعا في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي رواه عنه عدد من الثقاة( ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر)

صحيح مسلم > كتاب البيوع > باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر (حديث رقم: 1513)

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس ويحيى بن سعيد وأبو أسامة عن عبيد الله وحدثني زهير بن حرب واللفظ له حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر).

تعريف الغرر:-

الغرر لغة هو الخطر والتغرير التعريض للهلاك ، وأصل الغرر هو ماله ظاهر محبوب وباطن مكروه أي أنه مستور العاقبة، ويعرف الغرر بأنه الجهالة الفاحشة كما عرفه بعض العلماء بأنه الخطر الذي استوي فيه طرفا الوجود والعدم كان تبيع السمك في البحر أو الثمر في الشجر قبل نضوجه فإذا تأملنا هذا التعريف فإننا نجد أنه ينطبق تماما علي التامين إذ أن طرفي الحادث من حيث الوقوع وعدمه متساويان ورأت الهيئة أن الشروط التي يجب آن تتوافر في الغرر ليكون مؤثرا ومفسدا للعقد هي:-

  1. أن يكون الغرر في عقد من عقود المعاوضة المالية
  2. أن يكون كثيرا.
  3. أن يكون في المعقود عليه أصالة
  4. وألا تدعو إلى العقد حاجة

وتري الهيئة إن الشروط الثلاثة الأولى متحققة في عقد التأمين التجاري ، فهو عقد معاوضة مالية وفيه غرر كبير وفي المعقود عليه أصالة . والحاجة إلى العقد هي أن يصل المجتمع إلى حالة بحيث لو لم يباشر أفراده العقد يكونوا حينئذ في جهد ومشقة لفوات مصلحة من المصالح المعتبرة شرعا ، ويشترط في الحاجة التي تجعل الغرر غير مؤثرا في العقد ما يلي:- –         أن تكون الحاجة عامة أو خاصة –  أن تكون متعينة ، ومعني تعينها هو عدم توافر الطرق المشروعة للوصول إلى الغرض إلا بذلك العقد الذي فيه الغرر.

وإذا توافر هذان الشرطان جاز مباشرة العقد ، لكن يجب أن يقتصر علي القدر الذي يزيل الحاجة فقط عملا بالقاعدة المعروفة ( الحاجة تقدر بقدرها ). ووفقا لهذه الضوابط فان هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي تري انه لا يجوز للبنك إن يقوم بالتامين علي أمواله لدي شركات التامين التجارية لان الحاجة إلى التامين لدي تلك الشركات غير متعينة إذ باستطاعة البنك أن يؤمن علي أمواله لدي شركة التامين التعاوني التي اقترح إنشاءها بعد موافقة الهيئة و أصبحت في حكم الشركة القائمة وبذلك أصبحت شركة التامين الإسلامية التابعة لبنك فيصل أول شركة تمارس التامين التعاوني في العالم. واستنادا إلى الفتوى المشار إليها أعلاه فان الأسس التي تحكم إنشاء شركات التامين التعاوني هي:-

أولاً: أن يكون التامين تأمينا تعاونيا هدفه مساعدة المشتركين بعضهم البعض ويعتبر المشترك في نظام التامين التعاوني متبرعا بكل أو جزء من الأقساط التي يدفعها إلى صندوق التامين وتعويضهم من الأقساط المدفوعة إن دعت الضرورة ودون أن يبتغي المؤسسون – أصحاب راس المال- ربحا من عملية التامين ، وهنا تكمن الفروق الرئيسية بين شركة التامين التعاونية وشركة التامين التجارية حيث تهدف الأخيرة إلى تحقيق الأرباح من الفائض الذي تحققه الشركة من أقساط التامين ، أما في التامين التعاوني فان هذا الفائض لا يعتبر حقا لاصحاب راس المال وانما يعتبر حقا لجميع المشتركين يحتفظ به كله أو بجزء منه كاحتياطي ويوزع ما زاد عن الاحتياطي علي المشتركين كل بحسب نسبة أقساطه ودون النظر إلى ما أخذه المشترك من تعويضات وهذا هو النظام المعمول به في السودان بخلاف بعض الشركات خارج السودان والتي تقوم بخصم ما أخذه المشترك من تعويضات خلال العام واعطائه ما تبقي أن وجد.

ثانياً: أن يشارك حملة الوثائق في إدارة الشركة لتمكينهم من رعاية مصالحهم والحفاظ علي حقوقهم وقد نص علي ذلك بتكوين هيئة للمشتركين من حملة وثائق التامين يدعي له  الذين دفعوا ما يحدده مجلس الإدارة من أقساط التامين للشركة خلال السنة المالية ويكونوا مؤهلين لما يلي:- أ/ تعرض علي هيئة المشتركين الحسابات الختامية للشركة والتقرير السنوي لمجلس الإدارة وتقرير المراجعين القانونيين وهيئة الرقابة الشرعية قبل اجتماع الجمعية العمومية ب/ يجوز لها أن ترفع أي توصيات تراها الجمعية العمومية ج/ تختار هيئة المشتركين شخص علي الأقل من بينها ليمثلها في مجلس الإدارة وان تكون لها مستقبلا السلطة العليا في تملك و إدارة الشركة.

ثالثاً:أن تقوم الشركة باستثمار أموال حملة الوثائق وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ويمكن منح أصحاب راس المال نسبة محددة من أرباح الاستثمار مقابل إدارتهم للشركة.

رابعاً: السماح لشركات التامين التعاوني بالتعامل مع شركات إعادة التامين التجارية من باب الضرورة نظرا لعدم وجود شركات إعادة تامين إسلامية وذلك وفقا للضوابط الآتية:-

  1. التعامل مع شركات إعادة التامين التجارية علي نظام القسط الصافي وعدم التعامل بالعمولات .
  2. تفادي أي معاملات ربوية مع معيدي التامين.
  3. عدم الاحتفاظ باحتياطي أقساط إعادة تامين في حسابات الإعادة لتفادي دفع عمولات عليها.
  4. أن تعمل شركة التامين التعاوني علي زيادة احتفاظها سنويا وبمعدلات تجعلها تشارك فعليا في الخسائر.

( نقلاً عن موقع شركة شيكان للتأمين وإعادة التأمين)