تأسست شركة المتخصصة للتأمين الصحي  MIS وتسعى منذ انطلاقتها إلى الإفادة من أرقى وأحدث التقنيات العالمية في مجالها. ولكونها أول شركة من نوعها في اليمن فقد أخذت على عاتقها نشر ثقافة التأمين الصحي في اليمن من خلال المنابر الثقافية والجامعات والمجلات المتخصصة واللقاءات التعريفية.

وقد شهد عام 2010 توسيع الشركة لمحفظتها ومضاعفة عدد عملائها ومشتركيها بالرغم من التباطؤ الاقتصادي، وعمدت المتخصصة لخفض أقساط التأمين الصحي لارتفاع عدد مضمونيها، دون أن تتأثر بارتفاع أسعار الخدمات الصحية نتيجة لتراجع قيمة الريال، و نجحت الشركة في تحريك المياه الراكدة بشأن التأمين الصحي في اليمن الأمر  الذي شجع شركات التأمين الأخرى بالبدء بهذا النشاط الهام ولذلك حرصنا أن نلتقي بمؤسس ورئيس الشركة الدكتور عادل أحمد العماد الأستاذ المساعد بكلية الطب -جامعة صنعاء استشاري وخبير الإدارة الصحية والاقتصاد الصحي، وقد التقينا به في هذا التوقيت بالذات لمناقشته بشأن مشروع قانون التأمين الصحي الذي يتم مداولته حالياً تحت قبة البرلمان وقد أجرينا معه اللقاء التالي :

كرواد للتأمين الصحي في اليمن كيف كانت البداية؟ ولماذا اخترتم هذا النوع من التأمين ؟
بحكم اختصاصي واهتمامي بالتأمين الصحي فقد اطلعت على تجارب دول العالم وتعمقت في التجارب العربية لدرجة أهلتني أن أصبح محاضراً ومدرباً إقليمياً في دول سبقتنا بعشرات السنين في هذا المجال، وقد استفدت عملياً من التجربة الأردنية خلال السنين التسع التي أمضيتها هناك فما كان مني فور عودتي إلا أن باشرت بإجراءات تأسيس شركتنا “المتخصصة للتأمين الصحي” والتي رخصت في فبراير 2005 لممارسة التأمين الصحي وإدارة النفقات الطبية وكذلك كمركز استشاري وتدريبي للمؤسسات الصحية والتأمينية.

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتكم، و هل اليمن مهيأة لتقبل هذا النوع من التأمين؟
عندما بدأنا عملنا وجدنا صدوداً من كثيرين واستغراباً من آخرين وصمتاً من الأكثرية، وكنا كمن يمشي ضد التيار، ولم نجد تجاوباً من جهات العمل خوفاً من عدم تمكننا من تقديم ما نعد به لاسيما ونحن شركة محلية ودون تجارب عملية سابقة (في ذلك الوقت)، لهذا ركزنا على العمل الاستشاري والتدريبي فقدمنا استشارات وعقدنا دورات متخصصة معظمها قدمناه في البداية دون مقابل وذلك لأن بلدنا “كحال معظم البلدان العربية” تعاني من عقدة الأجنبي فلا يوجد ثقة كافية بالكادر المحلي والجهات المحلية ولعل بعض التحفظ له ما يبرره لغياب المعايير والضوابط الرسمية المعتبرة التي تنظم منح التراخيص للمؤسسات والشركات، بيد أن الضرر لحق بالمؤسسات المحلية بما فيها المتميزة والجادة، ولكن الصعوبات الملازمة للخدمات المستحدثة تكمن عند استحداثها أما بعد تقديم الخدمة فإن الخدمات المقدمة للعملاء هي التي تتحدث وتروج لأصحابها و تبقى أمامنا تحديات تتمثل في حاجتنا للمحافظة على موقع الريادة في هذا المجال، والارتقاء التدريجي بمستوى خدماتنا كماً ونوعاًً.
ومن جانب آخر فمن ضمن الصعوبات التي واجهتنا أن المؤسسات الصحية بوضعها الحالي يحتاج التعامل معها للكثير من الجهد والصبر من جهتنا ومن جهة تلك المؤسسات أيضاً، وذلك لغياب الأنظمة واللوائح التي تحدد وتراقب مستوى الأداء وتضبط الحدود الدنيا والعليا للأسعار مع غياب أي دور رقابي يذكر من وزارة الصحة أو نقابة الأطباء مما يجعل دورنا أكثر صعوبة وتعقيداً، ومع ذلك فما خفف علينا هو علاقاتنا الوثيقة بالمؤسسات الصحية المكونة لشبكتنا الطبية وما وجدناه ونجده من تعاون وتجاوب كبيرين منهم لاسيما الذين لديهم بعد نظر ويدركون ما للتأمين الصحي من مستقبل مرتقب في اليمن وخصوصاً لما تلمسه تلك المؤسسات من تطور سريع تشهده شركتنا بل وصناعة التأمين الصحي في اليمن بشكل عام.

كيف ترى مستقبل التأمين الصحي في اليمن؟ وكيف تصفون الإقبال عليه؟
المجتمع لا يشجع كثيراً على هذا النوع من التأمين لغياب الثقافة التأمينية لدى الأغلبية العظمى، ولغياب أي قوانين تلزم أو تنظم التأمين الصحي (حتى الآن على الأقل) ولذلك كان من الطبيعي والمتوقع أن تستمر شركتنا قرابة عشرين شهراً دون أن تتمكن من إصدار أي وثيقة حتى تم في أكتوبر 2006 تأمين موظفي المركز التجاري للسيارات والمحركات (تويوتا)، وتوالت بعدها الجهات المتعاقدة حتى بلغت قرابة مائة جهة حكومية وخاصة ومنظمات دولية، وتحوي قرابة أربعين ألف مشترك، ومن حيث الإقبال وجدنا أكثر الجهات اهتماماً بتقديم خدمة التأمين الصحي لموظفيها الشركات الخاصة وخصوصاً التي تمثل شركات دولية وكذلك الجهات التي كانت تقدم رعاية صحية لموظفيها فوجدت أن التعامل معنا خفف عنها الأعباء الإدارية المرافقة لمعالجة الموظفين، وإسهاماً منا في تعزيز ثقافة التأمين الصحي ومن ثم زيادة الإقبال عليه أقوم شخصياً بتدريس وتدريب المئات سنوياً داخل وخارج المؤسسات التعليمية.

ماذا حققت شركتكم من نجاحات ، وما هي طموحاتكم المستقبلية ؟
يحسب لشركتنا أنها نواة لأي تطور يشهده التأمين الصحي في اليمن، ومن دواعي اعتزازنا أننا نقدم أفضل خدمات يسمح بها الحال في اليمن بل وتفوقنا على شركات دولية وإقليمية حتى أن جهات أمنت على موظفيها لدينا كبديل لشركات دولية و إقليمية واستمرت معنا منذ بداية ممارستنا الفعلية للعمل عام 2007 حتى الآن، وعندما تستمر جهات معتبرة ضمن المؤمنين لدينا لأربع سنوات متتالية يصبح من السهل انضمام أي جهة إلينا بثقة ودون تردد، لذلك لم نحتج منذ بدأنا العمل التأميني إلى أي عمل تسويقي أو دعائي، بل قادنا هذا النجاح إلى تحقيق نجاح استراتيجي آخر هام للغاية و يتمثل في نيلنا ثقة شركات التأمين المحلية والإقليمية فأمكن لنا أن نتحالف مع ثلثي شركات التأمين العاملة في السوق اليمني وأمكن لنا من خلال تعاوننا مع هذه الشركات إصدار العشرات من وثائق التأمين الصحي
أما طموحاتنا المستقبلية فإننا نأمل أن نتمكن من تذليل الصعوبات التي تحول بين المريض المحتاج للخدمات الصحية وبين حصوله عليها من خلال توسيع مظلة التأمين الصحي سواءً عبرنا أو عبر شركات أخرى أو عبر مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني أو عبر جهات حكومية (مدنية أو عسكرية)، كما نطمح أن نسهم في دعم المؤسسات الصحية بتطوير قدراتها ومستوى الأداء فيها وتعزيز استثماراتها حتى يمكننا اللحاق بمصاف الدول المتقدمة في الخدمات الصحية.

كيف تقيّمون تعاملكم مع شركات التأمين في السوق اليمني ؟
سعدنا جداً بالتعامل مع شركات التأمين على الرغم من أن التعامل المباشر مع العملاء قد يكون أسهل وأجدى مادياً، لكننا نهتم بإشراك شركات التأمين الأخرى معنا وذلك كون العوائد المالية ليست من أولوياتنا لذا نوجه ما نملكه من وقت وجهد وإمكانات نحو إشراك الشركات الأخرى معنا وأحياناً نتعمد أن نحد من التعاقدات المباشرة قدر الإمكان بإفساح المجال لشركات التأمين الحليفة بالتعاقد مع الجهات طالبة التأمين. لدرجة أن نصف عملائنا تم استهدافهم عبر شركات التأمين الحليفة والنصف الثاني قصدونا لسمعتنا ولما نتصف به من مصداقية وشفافية ودون تسويق مباشر من لدينا كون تجربتنا في السوق اليمني تؤكد أن التسويق التفاعلي عبر العملاء الحاليين هو أنجح أساليب الكسب، كما أننا نتجنب منافسة شركات التأمين المتعاونة معنا في الاستهداف فدورها التسويق ودورنا تقديم خدمات نوعية متميزة تحافظ على العملاء وتجلب غيرهم، وقد لمسنا لدى عدد من شركات التأمين رغبة حقيقية في ممارسة هذا النشاط التأميني حتى لو لم يكن مربحاً كسائر الأنشطة الأخرى وقد سبق لي أن أوصيت شركات التأمين التي تسعى للإفادة المادية البحتة بعيداً عن أي اعتبارات إنسانية ورغبة حقيقية في تطوير وخدمة المجتمع إلى أن تتجنب مزاولة أعمال التأمين الصحي في اليمن.

بالتأكيد أنتم متابعون لمشروع قانون التأمين الصحي المطروح على طاولة البرلمان للإقرار، ما الذي يهدف إليه هذا المشروع؟ وما مميزاته؟ أو عيوبه ؟ وما فرصة نجاحه من وجهة نظركم؟
يتبنى مشروع القانون آلية التأمين الصحي الاجتماعي المعتمدة على قيام هيئة رسمية بتحصيل نسبة معينة من رواتب الموظفين والعمال (تم تحديدها بنسبة 11% من إجمالي المرتب) وبحيث يتم معالجتهم في الجهات التي تقوم الهيئة بالتعاقد معها.
وهذه الآلية (التأمين الصحي الاجتماعي) تنجح في الدول التي يتصف أفرادها بدخل عال وأعمال منتظمة وتتوفر فيها خدمات صحية جيدة وأنظمة إدارية قوية وشفافة ويتواجد الناس في تجمعات سكانية كبرى كما هو الحال في الدول الصناعية وفي المقابل تفشل هذه الآلية فشلاً ذريعاً في الدول التي تتصف بمحدودية دخل أفرادها وكثرة ذوي الأعمال الحرة وتدني الخدمات الصحية وضعف الأنظمة الإدارية وتفشي الفساد وتناثر التجمعات السكانية والوضع لدينا يعتبر تجسيداً للوضع الأكثر مناسبة للفشل وهذا ما أكده خبراء GTZ الذين استقدمتهم وزارة الصحة لدراسة القانون، حيث أقروا في (ص150 من الجزء الأول من استشارتهم المنشورة على الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية) “أن هذه الإستراتيجية تعتبر قليلة الجدوى في ظل الظروف الراهنة”، مما دفعهم للتحذير بقولهم (ص16 ج1) “وعندما تبدأ البلاد طريقها الطويل نحو نظام التأمين الصحي فإنها تواجه مخاطرة كبيرة في الفشل وخلق الإحباط” لاسيما مع مشروع قانون غير قابل للحياة حيث قالوا (ص17 ج1) “وقد بدت مسودة القانون غير ناضجة وغير مستكملة لتوفير إطار عمل قابل للحياة”.
وأما عن الميزات والعيوب فإن المشروع الأخير تخلص من الكثير من ثغرات المشروع الأولي الصادر عن الحكومة فقد كان المشروع السابق يجعل وزير الصحة هو رئيس مجلس إدارة الهيئة وله الحق بالتنسيب لمجلس الوزراء برفع نسبة الاقتطاع من الرواتب عند عجز الصندوق مهما بلغت دون العودة لمجلس النواب وكان للهيئة جزء كبير من مخصصات الصندوق كمصاريف إدارية وكانت نسبة التحمل التي يتحملها المريض أعلى وكذلك كانت نسب الاقتطاع من الرواتب أعلى منها حالياً وكذلك وفي آخر مشروع لم تحدد نسبة الاستقطاع وترك تحديدها للائحة التي يضعها وزير الصحة، وكل ذلك مخالف للدستور، وقد أمكن تجاوز معظم ذلك من خلال لجنة الصحة والسكان ولجنة القوى العاملة في البرلمان ومع ذلك فقد ظهر المشروع الأخير وهو يحوي عيوباً جوهرية أبرزها إلزام كافة القطاعات (عامة وخاصة ومختلطة) بتوريد 11% من رواتب موظفيها لحساب صندوق حكومي يقوم بالتأمين على جميع العاملين وبعد عام من تحصيل المخصصات سيبدأ الصندوق بمعالجة المشتركين في المرافق الصحية (المحلية فقط) التي يتعاقد معها وليس لصاحب العمل حتى أن يطالب الصندوق بالتعاقد مع مقدم خدمة معين، هذا من منظور قريب أما من منظور بعيد فالصندوق لايمكن له بأي حال أن يستمر دون دعم من الحكومة يتراوح بين 10 – 15% من مجمل ميزانية الدولة كما قدرها الخبراء ولصعوبة تنفيذ ذلك فالنتيجة أن الخدمات ستبدأ بالتدهور مثل البدء باستبعاد الدواء من التغطية أو الاقتصار على المعالجة داخل المستشفيات الحكومية حتى ينتهي حلم التأمين الصحي تماماً. وتأكيداً لذلك يقول الخبراء الذين استقدمهتم الوزارة (ص116 ج2) “حتى إدخال حزمة الفوائد المنخفضة يؤدي إلى عجوزات مالية كبيرة وستكون هناك حاجة للدعم الحكومي والذي يمثل نظرياً المبلغ الرئيسي” وفي بداية الجزء الثاني ص7 ذكروا “وهذا المال (الاستقطاعات من الرواتب) لن يكون كافياً لشراء برنامج مزايا صحية جيدة، وسينتج عنه عجز كبير، والدعم المطلوب من الحكومة أكبر بكثير من ميزانية وزارة الصحة”.

هل تم أخذ رأيكم في الصيغة الأخيرة للمشروع كاستشاري مختص في الاقتصاد الصحي، أو كقطاع خاص يمارس ذات النشاط الذي يناقشه القانون المقترح ؟ وهل احتوى مشروع القانون بصيغته الأخيرة على مخالفات دستورية ؟
وزارة الصحة لم تأخذ برأيي، بينما في المقابل أخذت برأيي لجنة الصحة والسكان في مجلس النواب واجتمعت بي مراراً وقمنا سوياً بتصويب ثغرات مشروع القانون باتفاقنا على إلزام جهات العمل بالتأمين على موظفيها ضمن ضوابط تضعها هيئة الرقابة على التأمين وبحيث يكون لكل جهة حرية اختيار أين تؤمن على منتسبيها سواءً لدى صندوق وزارة الصحة أو لدى أي جهة مرخص لها رسمياً بمزاولة التأمين الصحي. ولكن اللجان اجتمعت بالحكومة بعد اجتماعاتها بي فتم نسف بعض النصوص التي وضعناها مع اللجان، لذلك احتوى المشروع على مخالفات دستورية كونه يرسخ الاحتكار كبديل عن التنافس الخلاق بينما ينص الدستور في مادته السابعة ضمن الأسس الاقتصادية على اعتماد الدولة على مبدأ (التنافس المشروع بين القطاع العام والخاص والتعاونـي والمختلط).

في رأيكم من المستفيد من مشروع القانون بصيغته الحالية؟ وما هي مبررات وزارة الصحة كي تسعى للاستحواذ على كافة الاستقطاعات ؟
إلزامية التأمين ستفيد الشريحة الواسعة من الموظفين والعاملين وأسرهم ولكن احتكار الصندوق لتقديم الخدمة التأمينية سيؤدي لتدني ما سيقدم من خدمات تدريجياً حتى يزول التأمين ويستمر جمع الأموال، وإذا كانت الوزارة تتوقع أنها ستستفيد من ذلك بأن تحسن منشئاتها الصحية ولكننا نعتقد أن الأمر الذي فشلت فيه الموازنات الرسمية لن تنجح مساهمات الموظفين والعاملين في تحسينه وبالتالي لن يخرج أحد مستفيد. ووزارة الصحة تبرر قيامها باحتكار تحصيل الاستقطاعات و تقديم الخدمة كونها غير قادرة على تحمُّل نفقات الرعاية الصحية المتزايدة عالمياً بالاعتماد على إيراداتها المحدودة وبالتالي فإن الوزارة بحاجة لاستغلال استقطاعات التأمين الصحي لتتمكن من تقديم خدمة صحية ذات جودة، ولكن المشكلة ليست في المال فلدى وزارة الصحة موازنات كبيرة وهبات غير مستغلة إنما المشكلة الحقيقية في سوء إدارة هذا المال وبالتالي فإن المبالغ التي سوف تجمع لن تكفي أن يفي الصندوق بالتزاماته الأساسية لأن الوزارة ليس لها سابق تجربة في الجباية وما يعتريها من تهرب وتحايل ورشاوى للوسطاء وإسقاط أسماء معظم العاملين لاسيما في القطاع الخاص وستجد نفسها في النهاية مسؤولة عن جيش جرار من الجباة في العاصمة والمحافظات قدرهم الخبراء في دراستهم بحوالي 25 ألف موظف وستجد أن حجم ما تجمعه لايكفي أن تقدم الحد الأدنى من المنافع الصحية والتأمينية مما سيجبر الوزارة أن تطالب بتعديل القانون مستقبلاً بعد أن تكون المليارات المجموعة قد أنفقت على الخبراء الذين سيتم استقدامهم لوضع البنية التحتية. ولنا أن نسأل وزارة الصحة عن الضمانات التي ستقدمها بأنها قادرة على تقديم الخدمة والاستمرار في ذلك وإذا فشلت فمن سيعيد للموظفين والعمال المبالغ التي استقطعت منهم سنين دون أن يستفيدوا شيئاً، ولأنه لايمكنها تقديم أي ضمان فإن وجود التنافس هو خير ضمان فكل صاحب عمل سيتحمل مسؤولية قراره واختياره وتحت مظلة التنافس سيحاول الصندوق الحكومي تقديم أفضل ما عنده وكذلك ستفعل الجهات المنافسة كما هو مطبق في الأردن.

هل يتماشى المشروع الجديد مع تجربة دولة معينة وهل تم مراعاة خصوصية بلدنا ؟
لقد تم استنساخ التجربة التونسية في تأسيس الصندوق الوطني للتأمين على المرض دون عناية بالفروق الجوهرية بين بلدنا الغالي و تونس التي تتميز بزيادة مستوى دخل الفرد (حوالي 8 أضعاف الدخل لدينا) وانتشار الخدمات الصحية و تدني معدل النمو السكاني وانخفاض معدل الخصوبة وزيادة نسبة سكان الحضر وانخفاض معدل الإعالة (السكان دون 15 سنة أقل من 23% مقابل قرابة 48% في اليمن)، وعندهم ومع قلة تفشي الأمراض وانخفاض معدلات الوفيات بين الأمهات والأطفال ومع ذلك فإن الإنفاق على الصحة لديهم حوالي 7.5 أضعاف الإنفاق لدينا (463 دولار للفرد سنوياً في تونس مقابل 69 دولار في اليمن) فضلاً على أن الإنفاق على الصحة في القطاع العام أضعافه في القطاع الخاص لتبني الأنظمة الاشتراكية عكس الحال لدينا، وكل مؤشر من المؤشرات السابقة له تأثير بليغ في النمط الذي يجب اختياره للتأمين الصحي فضلاً على أنه لا يمكن تكرر أي نظام تأمين صحي بحذافيره في أي بلد آخر لوجود جوانب اختلاف عديدة بين البلدان بمعنى أن أنظمة التأمين الصحي يجب أن تكون محلية الصنع.

كلمة أخيرة :
أدعو النواب والحكومة وسعياً لصيانة لحمة هذا الوطن وتماسكه أن يحرصوا أشد الحرص عند وضع القوانين على عدم المساس بالحقوق المكتسبة للمواطنين، والمحافظة على أي ممارسات جيدة وناجحة، و عند وضع قانون التأمين الصحي يجب المحافظة على المنافع النوعية المقدمة لبعض الجهات، مع ضرورة وجود قدر كبير من المرونة في الوسائل لتحقيق الأهداف مما يستدعي تعدد آليات التمويل الصحي المختلفة، والتنافس فيما بينها بحيث تستمر الآليات التي يثبت نجاحها ودون أن نحتاج للعودة إلى نقطة البداية بعد عدة عقود من الفشل. و مراعاة أن تطبيق التأمين الصحي ليس مجرد قانون أو قرار حكومي يتخذ إنما حوار اجتماعي بين كافة الأطراف ذات العلاقة، فهل يعقل أن ينجح قانون لم يتم استشارة اتحاد نقابة العمال ولا القطاع الخاص بشأنه؟ وهل نتوقع أننا يمكننا إلزامية التأمين من أعلى فمن الطبيعي أن يواجه صداً ومعارضة من كافة الجهات التي لم يؤخذ رأيها ولم تراعى حقوقها المكتسبة.